في عصور ما قبل الميلاد كان هذا الاختراع البيئي والعملي الجدير
بالاهتمام، ففي تلك العصور استخدمت تقنية خاصة للحفاظ على الموارد البيئية
واستثمارها بحاجات الحياة اليومية دون استخدام أي طاقة اضافية! انها بيوت
الثلج أو “ثلاجات عصور ما قبل الميلاد”، و هي بيوت يتم حفظ الثلج فيها
لفترة طويلة تكون في بعض الأحيان من الشتاء إلى الشتاء الذي يليه تقريبا
كما هو. وتشير الدلائل التاريخية أن الفرس قديما “إيران حاليا” هم أصحاب
السبق في هذا الاكتشاف و أن بيوت الثلج ظهرت لأول مرة في بلاد فارس ومن ثم
انتقلت الى العديد من مناطق العالم كالدول الاسكندنافية و أمريكا. تعرفوا
معنا على ثلاجات ما قبل الميلاد في هذا الموضوع المفصل. الصورة التالية
لأحد تلك الثلاجات التي لا تزال صامدة حتى اليوم.
الصورة التالية من داخل بيت الثلج “الثلاجة”.
بيوت الثلج عبارة عن غرف تحت الأرض بناها الانسان بالقرب من مصادر الثلج
الطبيعية مثل برك المياه العذبة وتختلف هذه البيوت عن بعضها في درجة
العزل. ففي الشتاء يتم نقل الثلج من مصادره الى بيوت الثلج و يتم عزله
باستخدام بعض المواد الأولية كالقش ونشارة الخشب ويبقى الثلج في صورته
الصلبة لعدة شهور قد تصل الى الشتاء القادم كما ذكرنا في مقدمة هذا
الموضوع, ويستخدم هذا الثلج بصورة رئيسية لحفظ الأغذية القابلة للفساد
والخضروات الموسمية ولتبريد السوائل كالمياه في فصل الصيف. تكون قاعدة بيوت
الثلج مخروطية مع قناة للتصريف للتخلص من الماء الناتج عن ذوبان الثلوج.
المخطط التالي يوضح آلية تخزين الثلج في بيوت الثلج.
أول تسجيل تاريخي لبيوت الثلج كان من بلاد فارس في مخطوطة يعود تاريخها
لعام 1700 قبل الميلاد و يطلق عليه في اللغة الفارسة اسم “يخجال \
Yakhchal” و قد كانت تجارة الثلج رائجة في الحضارة الفارسية و كان الثلج في
القاع يباع بسعر أعلى من الثلج في الأعلى بل أنه عرف عن الفارسيين القدماء
تحضيرهم لحلويات مجمدة (تشبة البوظة العربية القديمة في عصرنا الحالي)
وكانت تحضر باضافة عصير الرمان الى الثلج أو تجميد الماء بعض اضافة نكهة
الزعفران أو الفواكه اليه.
و قد عرف عن الاسكندر المقدوني في الفترة الممتدة منذ 300 عام قبل
الميلاد عن تخزينه للثلج في حفر تم حفرها خصيصا لهذا الهدف. صورة لأحد بيوت
الثلج التي بينت منذ عدة قرون في كرمان في ايران حاليا.
انتشرت صناعة الثلج و بناء بيوت الثلج في عصور قبل الميلاد انتشارا
واسعا حتى تعدت حدود أوروبا الى الأمركيتين وقد وصلت الى انجلترا في عام
1666 واتبع الانجليز الأسلوب الايطالي في بناء بيوت الثلج الذي يتميز
بالقبب كالذي كان موجودا في عصور ما قبل التاريخ و بالطوب المحفور على
قبتها غير أن معظم بيوت الثلج في انجلترا تعرضت للانهيار. صورة لأحد بيوت
الثلج التي لا تزال قائمة في ايطاليا.
و صلت تجارة الثلج الي أمريكا عن طريق انجلترا و قد ساهم تجار الثلج
الانجليز كثيرا في ازدهار الاقتصاد في المستوطنات الانجليزية في أمريكا أو
ما كانت تعرف بـ “انجلترا الجديدة \ New England”. وكانت عملية نقل الثلج
تتم في سفن بعد عزله بالقش و تغليفه. صورة لأحد بيوت الثلج في أحد الولايات
الأمريكية.
كما توضح الصورة في الأعلي، اتخذ بناء بيوت الثلج في الولايات
المتحدة نمطا مختلفا عن بيوت الثلج القديمة وازدهر بناؤها بشكل غير مسبوق
حيث كان الهدف الأساسي هو تبريد النبيذ ولذلك نرى أن عددا كبيرا من بيوت
الثلج القديمة تحولت إلى حانات أو مراكز مخصصة لبيع وتجارة النبيذ مثل هذا
المتجر الذي يظهر في الصورة.
هذه التقنية القديمة أشتقت إلى عدد من التقنيات والتطبيقات الفرعية
كتقنية الـ “ملقف أو لاقفة الهواء \ Windcatcher” وهي تقنية تتمثل في أبراج
أستخدمت في المناطق الحارة لتكييف وتبريد المنازل وبعض المباني العامة
كالمساجد والمعابد والمستشفيات وبعض بيوت أصحاب النفوذ والمال ويذكر أنه في
العصر العباسي أستخدمت الملاقف في جميع المستشفيات والبيوت.
الصورة التالية لبعض الملاقف في يزد في إيران.
أما عن طريقة عمل الملاقف فهي كما يوضح الرسم التالي.
أما الرسم التالي فيظهر لاقفات هواء أكثر تطورا تعمل فعليا على تبريد
الهواء وخفظ درجة حرارته عن طريق قنوات للمياه وغرف تبريد وحفظ للهواء
البارد أسفل الأرض قبل تمريره على المكان المراد تبريده.
الفيديو التالي لأحد المباني القديمة في يزد الإيرانية المجهز بالعديد
من لاقفات الهواء التي تبرد داخل المبنى بنتيجة فعالة وهي منطقة متوسط
الحرارة فيها يصل إلى 40 درجة مئوية.
هذا ليس كل شيء.. فهل خطر في بالكم كيف كان يحفظ المسافرون قديما
أطعمتهم وخضرواتهم من دون أن تفسد بفعل حرارة الشمس المحرقة أثناء سفرهم
الطويل؟ الإجابة في “الزير” أو ما يعرف بـ “براد القدر بالقدر \ Pot-in-pot
refrigerator” وهي تقنية يعتقد باحثوا الآثار أنها أخترعت في مصر القديمة
منذ 2500 سنة قبل الميلاد.. شاهدوا هذه الصوره لتتعرفوا على هذه الثلاجة
الطريفة.
تعليقات
إرسال تعليق