مشواره الفنى لايمكن أن يضاهيه أو ينافسه مشوار مهما طال، فهو ابن الشارع
المصرى الذى قص وصور أفراحه وأحزانه بين كلماته وأشعاره ورسوماته، لم يكن
فقط الرسام أو الكاتب أو الممثل بل أيضا عاشق، يعشق أرض بلده بكل مافيها
وكل ماتحمل من قوة وضعف ومن غمة وفرح، لم يكسره أو يكسر قلمه شئ طوال حياته
إلا حزنه على هذ الوطن إنه الرائع " صلاح جاهين " الذى ما أن ذكرنا أسمه
إلا وتسرد حكايات وحكايات .
أسمه بالكامل محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمى,ولد فى اليوم الخامس
والعشرون من شهرديسمبر عام 1930 بمنطقة شبرا، كانت ولادة صلاح جاهين
متعثرة حيث تعرضت أثنائها والدته للخطر، فولد شديد الزرقة دون صرخة حتى
ظن المحيطون أن الطفل قد ولد ميتاً، ولكن جاءت صرخة الطفل منبهة بولادة طفل
ليس ككل الأطفال، وقد تسببت هذه الولادة فيما بعد فى عدم أستقرار الحالة
المزاجية لجاهين، وهو ما لوحظ فى صلاح جاهين الذى كان يفرح كالأطفال ويحزن
لدرجة الاكتئاب عند المصائب.
تربى جاهين وسط أسرة تقدر العلم والأدب وتتفهم أهميته مما كان له الأثر
الأكبر فى نشأته وتوسيع مداركه، ذو مكانة رفيعة حيث كان أبيه المستشار بهجت
حلمى رئيس محكمة أستئناف المنصورة وأمه السيدة أمينة حسن والتى كانت تعمل
مدرسة للغة الأنجليزية كما كان جده يمتلك مكتبة كبيرة ساعدت كثيرا على
تنمية ثقافته ,
بدأ صلاح جاهين حياته العملية فى جريدة بنت النيل، ثم جريدة التحرير.
وفى هذه الفترة أصدر أول دواوينه "كلمة سلام" فى عام 1955 وفى منتصف
الخمسينيات بدأت شهرته كرسام كاريكاتير فى مجلة روز اليوسف، ثم فى مجلة
صباح الخير التى شارك فى تأسيسها عام 1957، واشتهرت شخصياته الكاريكاتورية
مثل قيس وليلى، قهوة النشاط، الفهامة وغيرها من الشخصيات.
كان صلاح جاهين على شفا دخول المعتقل، فقد وُضِع اسمه على رأس قائمة
المعتقلين أكثر من مرة نظراً لما يعرف عنه من ميول يسارية ونقداً للنظام
لولا تدخل الرئيس جمال عبد الناصر شخصياً لحذف اسمه خمس مرات من هذه
القائمة.
اختارته وزارة الثقافة - عام 1962 ليكون مسئولاً عن كل ما يتصل بتوجيه
الطفل وثقافته, وانضم صلاح جاهين فى مارس 1964 لأسرة جريدة الأهرام ليكمل
مسيرته فيها, كما نال صلاح جاهين وسام الفنون فى عيد العلم عام 1965, وعن
هذه الفترة يقول صلاح جاهين " الفترة ما بين عام" 1963-1967" الفترة دى
كانت الذروة فى حياتى".
كما دخل صلاح , مجال الأنتاج فأنتج العديد من الأفلام التي تعتبر خالدة في
تاريخ السينما الحديثة مثل أميرة حبي أناوفيلم عودة الابن الضال, ولعبت
زوجته أدوار في بعض الأفلام التي أنتجها.
كتب سيناريو فيلم خلي بالك من زوزووالذي يعتبر أحد أكثر الأفلام رواجا في
السبعينيات إذ تجاوز عرضه حاجز 54 اسبوع على التوالى , كما كتب أيضا أفلام
أميرة حبي أنا , شفيقة ومتولي والمتوحشة,كما قام بالتمثيل في شهيد الحب
الإلهي عام 1962 ولا وقت للحبعام 1963 ,والمماليك عام 1965 واللص
والكلابعام 1962.
وكانت قمة أعماله هى الرباعيات والتي تجاوز مبيعات إحدى طباعات الهيئة
المصرية العامة للكتاب لها أكثر من 125ألف نسخة فى غضون أيام وقام بتأليف
مايزيد عن 161 قصيدة منها قصيدة تراب الدخان التى كتبها عقب النكسة يونيو
1967, كما ألف أشهر أوبريت للعرائس فى مصر وهو أوبريت الليلة الكبيرة .
تزوج للمرة الأولى من "سوسن محمد زكى" الرسامة بمؤسسة الهلال عام 1955
وأنجب منها بهاء وأمينة جاهين. ثم تزوج من الفنانة "منى جان قطان" عام 1967
وأنجب منها أصغر أبناءه سامية.
كانت النكسة الملهم الفعلي لأهم أعماله الرباعيات والتي قدمت أطروحات
سياسية تحاول كشف الخلل في مسيرة الضباط الأحرار ، والتي يعتبرها الكثير
أقوى ما أنتجه فنان معاصروتعد وفاة الرئيسى الراحل جمال عبد الناصر هي
السبب الرئيسى لحالة الحزن والاكتئاب التي أصابته و لازمه شعور بالانكسار
لأنه كان الملهم والبطل والرمز لكرامة مصرو لم يستعيد بعدها جاهين تألقه
وتوهجه الفنى الشامل.
من أعماله كمؤلف " شفيقة ومتولى ,خلى بالك من زوزو , رغبة متوحشة , انقلاب
هو وهى، عودة الأبن الضال " كما آلف العديد من أغانى الأفلام منها أغانى
فيلم " اتنين على الهواء , اليوم السادس خلى بالك من زوزو " وشارك فى بعض
الأعمال كممثل منها اللص والكلاب، المماليك، القاهرة، شهيدة الحب الآلهى .