تعرف دائرة المعارف البريطانية (طبعة 1981) الماسونية بأنها
"أكبر جمعية سرية في العالم". وقد نشأت من النقابات التي ألفها البناؤون
عندما تولوا بناء القلاع والكاتدرئيات. ثم بدأت بعض محافل البنائين العاملين في
قبول أعضاء فخريين لتقوية الإقبال عليها إثر التدهور في عدد أعضائها بسبب توقف
عمليات البناء. ومن هذه المحافل نشأت الماسونية الحديثة أو الرمزية.
وهناك جدل حول تاريخ بداية ظهور الماسونية، فثمة فريق يعتقد
بأنها أنشئت في عهد الفراعنة -حيث كانت تبنى المعابد والأهرامات- ويقرر آخرون أنها
أنشئت في زمن بناء الهيكل (هيكل سليمان)، فيما يرى البعض الآخر أنها ظهرت في أثناء
الحروب الصليبية.
وقد ذهب د. محمد علي الزغبي في كتابه "الماسونية منشئة ملك
إسرائيل". القسم الأول المطبوع في بيروت سنة 1956 إلى أن المؤسس الأول
للماسونية التي جعلت مرادفها (القوى الخفية) بدأت سنة 43-55م عندما اجتمع الملك
"هيردوس أجريبا" ومستشاريه "أحيرام أبنود"، و "مؤاب
لافي" وتآمروا فيما بينهم على المسيح الذي أخذ يبشر بزوال الهيكل (بحيث لا
يبقى فيه حجر على حجر إلا ينقض) وأنشأوا جمعية سرية باسم "القوة الخفية"
مهمتها: التخلص من المسيح وأتباعه.
ويزعم أنصار أسطورة ظهور الماسونية مع بداية بناء الهيكل، بأنه
عندما تقرر بناء الهيكل، تم تقسيم البنائين إلى ثلاث طبقات: المتمرنين، أبناء
المهنة، والأساتذة، وتشمل الطبقة الثالثة (الأساتذة) ثلاثة أشخاص فقط هم سليمان،
وحيرام، ملك صور – وحيرام آبي (أي حيرام الأب). والأخير كان يكنى "بابن
الأرملة". أو "صانع النحاس" تمييزاً له عن حيرام ملك صور. وتزعم
الأسطورة الماسونية أنه قبل تمام بناء المعبد تآمر بعض الأشخاص من "أبناء
المهنة" بغية اكتشاف أسرار الأساتذة، وقرروا أن يعدوا كميناً لحيرام (ابن
الأرملة) عند باب المعبد. ولكن البعض منهم تراجع في اللحظات الأخيرة، ولم يتبق من
المتآمرين سوى ثلاثة هم الذين قاموا بتنفيذ المؤامرة.. وقد طلبوا في البداية من
حيرام أن يطلعهم على الأسرار، وهددوا بالقتل، وعندما رفض البوح لهم بما يعرف قتلوه
بثلاث ضربات على الرأس، ضربة من كل واحد منهم، ثم حملوا جثته ودفنوها خارج الهيكل
في حبل "مرياح". وتضيف الأسطورة أنه بعد تمام بناء الهيكل تفرق
"البناؤون" الذين قاموا ببنائه، فنزح بعضهم إلى أوروبا، واستقر نفر منهم
في روما، حيث أنشأوا جمعية الصناع الرومانية التي نقلت نظمها ورسومها فيما بعد إلى
جمعيات الصناع في إنجلترا وفرنسا وألمانيا في العصور الوسطى.
والذين يقرنون ظهور الماسونية بالحملات الصليبية، يقررون بأنها
نشأت في زمن حكم (بلدوين الأول) لمملكة القدس، حيث اجتمع الفارس الفرنسي (هيودي
باين) وثمانية من الفرسان، وأقسموا فيما بينهم على تشكيل جمعية منهم تهدف إلى
حماية الحجاج النصارى وحراستهم من الساحل حتى المدينة المقدسة.
وحين سمع (بلدوين) بهذه الجمعية منحهم داراً قريبة مما عرف
عندهم (بهيكل سليمان) أو (معبد سليمان) ولهذا عرفوا "بفرسان المعبد"..
وفي نفس تلك الفترة ظهرت نشاطات مريبة لجمعية شبيهة وحليفة لجمعية فرسان المعبد،
وهم "الإسماعيلة" الذين يصفهم "وليام الصوري" – رئيس أساقفة
صور- بأنهم لا يلتزمون بالشريعة الإسلامية، ولا يتورعون عن ارتكاب المحارم،
"فهم يشربون الخمر ويأكلون لحم الخنزير، ولا يصومون رمضان مع المسلمين وهم
لذلك أقرب للنصارى" وقد وضع الإسماعيلية أسساً ومبادئ لجمعيتهم السرية تلك،
على نظام دقيق للغاية، فقد رتبوا أصول الدعوة السرية ترتيباً محكماً على أساس
استعداد الناس "فللعامة تعاليم وللخاصة أخرى، ولخاصة الخاصة تعاليم سرية لا
يعلمه إلى الخاصة، ولا يعلم أسرار الجمعية إلا رؤساؤها وزعماؤها، ولا يصل الفرد
منهم إلى مرتبة الزعامة إلا إذا اجتاز امتحاناً قياسياً، وأقسم بأغلظ الأيمان
على الوفاء للجمعية والكتمان
الشديد".
تعليقات
إرسال تعليق